أفرغتِ الخِزانةُ الأميركيةُ الخِزانةَ اللبنانيةَ مِن سُمعتِها قبلَ أموالِها لتأتيَ العقوباتُ ولوائحُ الإرهابِ لَصقًا على أبوابِ وزارتَي المالِ والأشغال ِالعامةِ الممثلتينِ في أمل والمردة عبرَ كلٍ منّ علي حسن خليل ويوسف فنيانوس حَضر الوزيرُ المعاقَبُ الى عينِ التينة للانضمامِ الى هيئةِ رئاسةِ حركةِ أمل التي دُعِيت الى اجتماعٍ طارىء. لفّ الاجتماعُ الحدودَ ورسّمَها بحرًا وبرًا قبل أن يربِطَ العقوباتِ “وفرمان ” وِزارةِ الخِزانة بمِلفِّ الترسيمِ وتأليفِ الحكومةِ سائلًا : هل هذا القرارُ للقولِ لنا إنّ الذي يَدفعُنا هو “أحرفُ الجر؟”. مخطىءٌ مَن يعتقدُ ذلك. أما رئيسُ تيارِ المرده سليمان فرنجيه فقد جاء ردُّه من عباراتٍ مختَصَرة: قرارُ الخِزانةِ سياسيٌّ واقتصاصٌ مِن موقِفِ فنيانوس ما يَزيدُنا تمسّكاً بنهجِنا وخَطِّنا” ووَضعَ حِزبُ الله توقيعَه على التضامنِ معَ الوزيرَينِ السابقين معتبرًا أنّ الإدارةَ الأميركيةَ سلطةٌ إرهابيةٌ تنشُرُ الخرابَ والدمارَ في كلِّ العالم ولا يَحُقُّ لها أساساً أن تصنّفَ الشرفاءَ والمقاومينَ وتصِفُهم بالإرهاب وأنَّ كلَّ ما يَصدُرُ عن هذهِ الإدارة مُدانٌ ومرفوض. ولا جدالَ في أنّ العقوباتِ في شِقِّها السياسيّ تعبّرُ عن رعونةِ الولاياتِ المتحدة وتسلّطِها وتصنيفِها الشخصياتِ والمؤسساتِ وَفقاً للأهواءِ الاميركيةِ والإسرائيليةِ على حدٍّ سواء وليست اميركا هي المخولةَ الاعتداءَ على سيادةِ الدول هذا في الجَناحِ السياسيّ لكنْ ماذا عن الجَناحِ الفاسدِ في القضية ؟ وهل لدى اللبنانيين ايُّ شكٍ في أنّ الوزيرينِ علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ضالعانِ في عقوباتٍ فرضاها على اللبنانيين بالسمسراتِ والعُمُولات ومشاريعِ المقاولين؟ أوليس هذا ما أدلى به رئيسُ الجُمهورية ميشال عون في آخرِ لقاءاتِه الصِّحافية؟ في تاريخٍ لم يَمُرَّ عليهِ الزّمن كشف عون أنَّ عدَدًا منَ المقاولينَ جاؤُوه للشكوى من تدفيعِهم نسبةَ أربعةٍ وخمسةٍ في المئة وربما أكثر في وِزارةِ المال وكان جوابُه لهم ما دُمت تشتكونَ إليّ فهل لديكم دليلٌ حِسيّ وهل أنتم على استعدادٍ للإدلاءِ بالشهادةِ أمامَ القضاء؟ هذه الشكوى قد تكونُ قُدِّمت إلى الولاياتِ المتحدة لا إلى القضاء وليس مستبعدًا أن يكونَ قد أُضيفَ إليها شهودٌ سياسيون مِن فئةِ المتضررين لكنْ لماذا لم يتحرّكِ القضاءُ عفوًا ردًا على هذهِ المعلومات؟ وكيف أصبحت قناةُ الجديد مدعىً عليها عندما كَشفَت عنها قبل أشهرٍ بدلاً منَ التحقيقِ في وقائعِها؟ لم ننتظرْ خزانةً أميركيةً حتّى نفتحَ عنابرَ الخِزانةِ اللبنانية أو نطاردَ وِزارةَ الأشغالِ حتّى سرقةِ آخرِ أوراقِها مؤخرًا فالعقوباتُ الأميركيةُ لها محرّكوها ومشغّلوها ووشاتُها المقيمون والمغتبرون وسوف تَفرِضُ عقوباتٍ على كلِّ مَن يتعاملُ معَ حزبِ الله وهذهِ صنعتُها غيرَ أنّ صناعتَنا منذ زمن هي التدقيقُ الجنائيُّ الاصيلُ في مدى انخراطِ الفاسدينَ في مسيرةِ تدميرِ الدولة . وهذا المسارُ قادَنا بالدليلِ الحسيِّ الملموسِ الى فسادِ وِزراةِ المالِ بشخصِ وزيرِها علي حسن خليل وصَحْبِه الأكرمين ودوّنا في محاضرَ على هذه السطور أنه وزيرُ ” السبعة في المئة ” كنسبةٍ من العُمُولاتِ على كلِّ مشروعٍ كان يقدّمُ الى وِزارةِ المال. لم يتحرّك القضاءُ ضدَّه بل ضِدَّنا واليوم فإنّ القضاءَ يستمرُّ في التحقيقاتِ الناعمة وفي التعامل مع الوزراءِ بالحَصاناتِ في مِلفِّ الاستدعاءات وهو العارفُ أنّ وزيرَ المال الاسبقَ علي حسن خليل ضالعٌ في المسؤولياتِ مِن مِلفِ البواخرِ وصولًا الى انفجارِ المرفأ وأنّ خليل وفنيانوس وقبلَهما وزراءُ المالِ والاشغال المتعاقبونَ يستحقونَ عقوباتٍ محليةً على انفجارٍ دمّر بيروتَ وقَتل مئتي شخصٍ وتركَ الافَ الجرحى وشرّد الافَ الأسَر في الاتهاماتِ الاميركيةِ لناحية الترابطِ بين الوزيرَين وحزبِ الله فإنّ اللبنانيين ايضاً على علمٍ وخبَر بأنّ الحزبَ قدّم مَكْرُماتٍ انتخابيةً لرفعِ أصواتِ نوابٍ مِن أمل وكان خليل مِن ضمنِ هذه الاصواتِ التي نالت حِصةً وزانة .لم نكن لنحتاجَ إلى عقوباتٍ للمعرفة وقد أصبحَ الفاسدونَ كتابًا مفتوحًا أمامَ اللبنانيين وبكلِّ صَلافةٍ وجُرأةٍ يتقدّمون للوزارةِ مرةً جديدة فحتى الأمس كان اسمُ علي حسن خليل لا يزالُ مطروحًا للعودةِ إلى وزارةِ المال تحتَ ” جائحةِ ” الميثاقية التي أعادها الرئيسُ نبيه بري ارنبًا جديداً الى عمليةِ التأليف . وهذه الميثاقيةُ لم تكن لتنسحبَ على الاتفاقياتِ السياسية ِبالتراضي بين بري والحريري الآب والابن عندما كان رئيسُ المجلسِ يؤجّرُ وزارةَ المالِ لقاءَ ضريبةٍ سياسيةٍ والحصولِ على الأثمان وعلى هذه الوزارة مرّ كلٌّ من جورج قرم وفؤاد السنيورة وريا الحسن ومحمّد الصفدي وجهاد ازعور وغيرِهم ممّن هم خارجَ الميثاقيةِ الشيعية هي ألغامٌ جديدة يضعُها رئيسُ مجلسِ النواب في طريقِ التأليف مبقيًا يدَه على “الزّناد”ِ للتعطيل . وبين المداورةِ والميثاقيةِ والتطعيم طُعمٌ آخرُ يُرمى لمصطفى اديب الواقفِ على شوار أيام فإما يسكنُ السرايا وإما يعودُ سفيرًا مطعمّاً بالخيبة .