غزة- خاص بـ”رأي اليوم”- نادر الصفدي:

يواصل بنيامين نتنياهو، رئيس وزراء الحكومة الأكثر تطرفًا في تاريخ إسرائيل، تصريحاته النارية والعشوائية التي يطلقها في كل مكان وتمسكه بمواقفه التصعيدية، في محاولة منه لإطالة عمر بقائه على كرسي الحكومة قدر المستطاع حتى وإن كان ذلك على حساب المنطقة التي اشتعلت بأكملها خلال الشهور الأربع الأخيرة.

ورغم الضغوطات الداخلية والانتقادات الخارجية “الهائلة” التي تتساقط على رأس نتنياهو منذ بدء حربه الدامية على قطاع غزة والمجازر التي ترتكب هناك، إلا أن هذا الرجل الذي أصبح مثيرًا للجدل، يواصل نهجه الدموي والتصعيدي وبعثره كافة الأوراق السياسية والأمنية في المنطقة بأكملها.

فيبدو أن تلك الضغوطات لا تأخذ حيزًا كبيرًا على طاولة نتنياهو التي أصبحت مرتفعة جدًا، فالأخير الذي يتخبط سياسيًا وعسكريًا لا يزال يُشعل الجبهات بتصريحاته ويوجه جيشه نحو التجهيز لمراحل جديدة، أكثر خطورة لن تكون غزة وحدها تحت النيران فعواصم عربية أخرى ستكون جبهات ساخنة.

لبنان، اليمن، غزة، إيران، وسوريا، جميعها أصبحت الان جبهات ساخنة وقابلة للاشتعال أكثر وأكثر بفعل الضربات الإسرائيلية المتكررة والتي تشهد تصاعدًا خطيرًا، وضمت لها مؤخرًا الأردن ومصر وقطر، فيبدو أن الحرب والدماء هي ما تبقى لنتنياهو لإطالة عمره السياسي وإبعاده عن أبواب السجن والمحاكمة في إسرائيل التي تنتظره بفارغ الصبر.

• أوراق نتنياهو

فماذا يريد نتنياهو؟ ومن يستطيع إيقاف عدوانه؟

بات هذا السؤال هو المطروح بقوة على كل الساحات المحلية والعربية والدولية وحتى الأمريكية، حين بدت جرائم نتنياهو لا حدود لها، بعد أن حول غزة لكومة من الرماد والدمار وارتكب فيها المجازر والإبادات الجماعية تجاوز عدد الشهداء فيها لأكثر من 26 الف فلسطيني، في آخر حصيلة رسمية.

التسجيل المسرب الأخير لنتنياهو الذي سكب البنزين على المشهد المُشتعل اصلاً، كشف فعليًا عمق الأزمة التي يعاني منها نتنياهو، حين هاجم قطر بشدة، وأشعل كذلك غضب الأردن ومصر حين تحدث صراحةً عن مناطق غرب الأردن، ومحور “فيلادلفيا” الحدودي مع قطاع غزة.

ويرى مراقبون أن نتنياهو يحاول من خلال تلك التصريحات والمواقف للهروب من أزماتها الداخلية التي وصلت إلى حد الاشتباك بالأيدي مع فريقه الوزاري في خلافاتٍ حادة خرجت للعلن، فضلاً عن اقتحام عائلات الأسرى لاجتماعات الكنيست، فيما رجح مراقبون آخرون أن ضربات المقاومة القوية في غزة وخارج حدود القطاع وكذلك الضغوط الامريكية ( ان تضاربت المصالح) وحدها هي الكفيلة فقط بإيقاف جنون هذا الرجل وتعطيل مخططاته الدامية.

• مأزق نتنياهو

موقع “فوكس” الأمريكي نشر تقريرا تحدث فيه عن التحديات التي يواجهها نتنياهو في الحرب على غزة، وأثرها على جيش الاحتلال والمستوطنين، وقال الموقع، إن “الضغوط تتزايد على نتنياهو، في الوقت الذي تجلب فيه الحرب في غزة تكاليف باهظة ونجاحات عملياتية قليلة، وقد كان يوم الاثنين اليوم الأكثر دموية في الحرب بالنسبة للقوات الإسرائيلية، بسقوط 24 جنديا في جنوب غزة”.

يواجه نتنياهو مطالب أعلى للتوصّل إلى صفقة تبادل أسرى مع حماس، التي أطلقت هذه المرحلة من الحرب المستمرة.

اقتحم أفراد عائلات الأسرى المتبقين البالغ عددهم 107 أشخاص ومؤيدوهم الكنيست الإسرائيلي يوم الاثنين؛ للدعوة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة؛ لأنهم يشعرون بالقلق من أن الوقت قد ينفد. وقد تأكد بالفعل أن بعض الرهائن قد ماتوا في الأسر، بينما قُتل آخرون عن طريق الخطأ من قبل الجيش الإسرائيلي في غزة.

وورد أن المسؤولين الإسرائيليين قدّموا لحماس عرضا لوقف إطلاق النار لمدة شهرين مقابل إطلاق سراح تدريجي لجميع الرهائن، وهو العرض الذي رفضته حماس حسب ما ورد، فهي تريد أن تنتهي الحرب تماما.

ذكر الموقع أن الولايات المتحدة وشركاءها الإقليميين يتطلعون إلى تسهيل إنهاء الحرب مع ارتفاع عدد الشهداء في صفوف الفلسطينيين في غزة إلى أكثر من 26 ألفا.

لكن لا يعني أيّ من هذه التطورات بالضرورة أن نتنياهو يقترب من إنهاء الحرب. ربما يكون عدد القتلى الإسرائيليين في ارتفاع، وقد تكون احتمالات إطلاق سراح الرهائن ضئيلة، لكن لا توجد دلائل تذكر على أن الجمهور الإسرائيلي مستعد لسحب قوات البلاد.

وقالت ميراف زونسزين، وهي محللة إسرائيلية رفيعة المستوى في مجموعة الأزمات الدولية؛ إنه “لا أحد يثق بنتنياهو، ولكن الجميع يؤمن بهذه الحرب” فيما يتعلق بالمشاعر العامة في إسرائيل.

ويبدو أن نتنياهو عازم على إطالة أمد الحرب طالما تحظى بشعبية، وليس لديه حافز شخصي يذكر لإنهائها. وأدت فضائح الفساد والتساؤلات حول ما إذا كان بإمكان حكومته منع هجوم السابع من شهر تشرين الأول/ أكتوبر، والضغط من أجل إصلاحات قانونية لا تحظى بشعبية، إلى إضعاف قبضته على السلطة. وطالما أن الحرب مستمرة، فإن كل ذلك محل نقاش.

خسارة رئاسة الوزراء ستكون مشكلة بالنسبة لنتنياهو، ليس فقط لأنه سيُجبر على التنحي بعد 16 سنة في المنصب، وإنما أيضا لأنه سيُترك لمواجهة مشاكله القانونية، فهو متهم بالاحتيال والرشوة وخيانة الأمانة في ثلاث قضايا منفصلة في سنة 2019.

وقد تم تأجيل المحاكمة مرارا وتكرارا، لكنها استؤنفت في كانون الأول/ ديسمبر، ومن المتوقع أن تستمر لعدة أشهر. وقد تستغرق عملية الاستئناف سنوات، وطالب محامو نتنياهو بجلسات استماع أقل طوال مدة الحرب.

وفي حال إدانته، من الممكن عزله من منصبه مع عقوبة سجن لمدة تصل إلى 10 سنوات.

ويبقى هنا التساؤل المطروح.. متى سيتوقف جنون نتنياهو؟ وكيف؟