توفي المطرب السوري صباح فخري أشهر من غنى القدود الحلبية والموشحات، صباح الثلاثاء عن عمر يناهز 88 عاما.
ونعت وزارتا الإعلام والثقافة ونقابة الفنانين الفنان القدير ، مشيرة إلى أنها ستعلن لاحقاً تفاصيل الدفن والتشييع.
وقال نجله أنس فخري لوكالة فرانس برس “لقد توفي في دمشق وفاة طبيعية، توقف قلبه عن النبض وغادرنا”. وأضاف “في قلوبنا حزن كبير. لا أعرف ماذا أقول، إنها خسارة كبيرة للفن السوري”. وشدد على أن الراحل “عاش كأسطورة حية والاسطورة لا تموت، وسيبقى أسطورة حلب وسوريا”.
واشتهر صباح فخري المولود العام 1933 في مدينة حلب بتأدية الموشحات والقدود الحلبية. وكان الفنان معروفا بوصلاته الفنية الطويلة على المسرح. وحقق فخري الرقم القياسي في الغناء عندما غنى في العاصمة الفنزويلية مدة عشر ساعات من دون انقطاع العام 1968 على ما أوردت وكالة (سانا).
وشغل الفنان الراحل مناصب عدة إذ انتخب نقيباً للفنانين، ونائباً لرئيس اتحاد الفنانين العرب، ومديراً لمهرجان الأغنية السورية.
وقلد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة العام 2007 “تقديراً لإنجازاته الكبيرة والمتميزة في خدمة الفن العربي السوري الأصيل”.
نبذة عن حياته..
ولد صباح فخري واسمه الحقيقي صباح أبو قوس في مدينة حلب في الـ 2 من أيار عام 1933 وكان أبوه رجل دين يعلم القرآن الكريم وتجويده وصاحب طرق صوفية حيث احتفى بابنه الذي أتقن قراءة القرآن في السادسة من العمر ليعلمه الإنشاد الديني في حلقات الذكر والزوايا الصوفية وعندما بلغ العاشرة اكتسب من أصدقاء أبيه مثل عمر البطش ومصطفى الطراب وصبحي الحرير وبكري الكردي كل شيء من علوم النغمات والأوزان، بحسب نبذة أوردتها عنه وكالة “سانا”.
وقلد وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة العام 2007 “تقديراً لإنجازاته الكبيرة والمتميزة في خدمة الفن العربي السوري الأصيل”.
وفي سن الثانية عشرة غنى صباح فخري أول موشح خاص فيه وهو “يا هلالا غاب عني واحتجب” ثم اتصل بالشيخ علي الدرويش وبولديه إبراهيم ونديم اللذين لحنا له بعض الأغنيات وعلماه عزف العود ثم رافق عازف الكمان سامي الشوا في حفلاته في حلب وغيرها من المدن السورية وهنالك تعرف عليه فخري البارودي الذي بهره غناءه فتبناه فنيا وجعله يلتحق بالمعهد الموسيقي الشرقي.
وفي المعهد درس على يد عمر البطش وعزيز غنام ومجدي العقيلي وتعلم منهم الإيقاعات والموشحات ورقص السماح وفن غناء القصيدة الأصولي والأدوار والنظريات الموسيقية والإلقاء الغنائي بواسطة الصولفيج والمقامات وأساليب الانتقال فيما بينها ليتلقاه الملحنون فور تخرجه ويقدموا له أغاني صافح الجمهور من خلالها وعرفهم على مطرب ناشئ لكنه عظيم اسمه صباح فخري بعد أن تكنى باسم متبنيه الذي حباه بعطفه ورعايته.
وعندما عاد صباح فخري إلى حلب درس في المعهد العربي الإسلامي الذي حصل من خلاله على شهادتي المرحلة الإعدادية والثانوية وفكر باعتزال الفن والتفرغ للعمل التجاري ولكن حبه للموسيقا وانتشار أغانيه وعالم النجومية دفعه ليعود إلى الغناء فكانت بدايته الجديدة عبر شاشة التلفزيون العربي السوري من خلال برنامج الموسيقا العربية سنة 1961 الذي كان يعده ويخرجه الراحل جميل ولاية فغنى دور “أصل الغرام نظرة” لمحمد عثمان وقصيدة “قل للمليحة” من ألحانه.
دفع هذا النجاح صباح فخري إلى تقديم وصلات غنائية من عيون التراث فقدم يا مال الشام ويا طيرة طيري لأبي خليل القباني معيدا لهما بريقهما وألقهما ثم انبرى لتراث الشيخ عبد الرحيم المسلوب وسيد درويش ومحمد عثمان وعمر البطش وزكريا أحمد وأمين الجندي يغرف منهم دون ارتواء ليطفئ به ظمأ الجماهير التي تميل إلى الغناء التراثي. وبعد أن شارك تمثيلاً وغناء في فيلم الصعاليك مع الثنائي دريد لحام ونهاد قلعي وفي مسلسل الوادي الكبير أمام الراحلة وردة الجزائرية سعت إليه النجومية فانهالت عليه الدعوات من جميع الدول العربية ثم غنى لأبناء المهجر في استراليا والأمريكيتين حيث منحته مدينتا ميامي وديترويت مفتاحهما تقديراً منهما لفنه وأقيم له حفل تكريمي في قاعة روس بمدينة لوس أنجلوس وكرمته كلية الفنون بجامعة كاليفورنيا.
وفي أوروبا غنى صباح في قاعة نوبل للسلام باستوكهولم وفي قصر المؤتمرات بمدينة باريس وقاعة بتهوفن في مدينة بون وافتتح مهرجان الموسيقا الشرقية في مدينة نانتير الفرنسية وكذلك دعي في انكلترا للغناء وإلقاء محاضرات عن الموسيقا والآلات الشرقية. وشغل صباح فخري في مسيرته الفنية مناصب عدة فانتخب نقيبا للفنانين ونائبا لرئيس اتحاد الفنانين العرب ومديرا لمهرجان الأغنية السورية وضرب الرقم القياسي في الغناء عندما غنى في مدينة كاراكاس بفنزويلا مدة 10 ساعات دون انقطاع سنة 1968 وذكرت اسمه موسوعة مايكروسوفت انكارنا كأحد رموز الغناء العربي والشرقي.
أما الأوسمة والتكريمات التي نالها صباح فهي كثيرة ومن أعلى المستويات بدءاً من وسام الاستحقاق السوري من الدرجة الممتازة ووسام تونس الثقافي ووسام التكريم من سلطنة عمان وجائزة الغناء العربي من الإمارات وجائزة مهرجان القاهرة الدولي للأغنية والجائزة التقديرية من المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وأسس محبوه في مصر جمعية فنية باسمه سنة 1997.
حصيلة صباح فخري الفنية وثق لها كتاب للباحث التونسي إلياس بودن مبيناً أنها تحتوي 347 عملاً غنائياً منها 110 من الطرب القديم التي لا يعرف لها ملحن و66 عملاً لحنها وغناها صباح وتشمل موالات وقصائد وموشحات وطقاطيق كما غنى من ألحان غيره نحو 87 موشحاً لملحنين سوريين ومصريين وروي عنه أنه يحفظ أربع سفن “دفاتر” حيث تحتوي كل سفينة على ألف موشح.
وتختزل مسيرة صباح فخري تراثاً ضارباً في العراقة يحمل من روح الأندلس وإبداع أبناء حلب وتماهي الإنسان مع هذا الإرث وقدرته ليس على صونه والحفاظ عليه فحسب بل على تطويره وتقديمه بشكل يستهوي جمهور اليوم والغد.
وكرم مؤخراً من قبل منظمة طلائع البعث في دار الأوبرا لدوره في إغناء التراث الغنائي العربي والسوري الأصيل.