
فرانشيسكو أتشيربي مدافع فريق إنتر ميلان الإيطالي، هو الذي سجّل هدف الحسم والفوز أمام فريق برشلونة القوي، ويُؤهل «الإنتر» بالتالي للموقعة النهائية الأوروبية في كرة القدم.
من تابع هذه المُنازلة الكروية الراقية الحماسية، استمتع بلا ريب بصراعٍ رياضي كروي من الطراز الرفيع، فيه – إلى فنون اللعبة – الكثير من المشاعر والانفعالات الإنسانية.
لكن ليس هذا ما يجعلني أشغلكم هنا بحديث عن «الكورة»، بل عن هذا اللاعب الذي عبر بفريقه للنهائي، فاللاعب أتشيربي الذي فرح بصورة هيستيرية بعد إحراز الهدف، هو حكاية إنسانية عجيبة أخرى.
نعم هذا الإيطالي كان، كما يقول هو عن نفسه، لو مضى على طريقة حياته القديمة لكان غاية ما يفعله الآن اللعب في دوري الدرجة الثانية أو الثالثة لفريقٍ مغمور.
والده كان يدلعّهُ كثيراً، ولم يكن يملك الحافز للتعامل الجِدّي مع الحياة، لكن أمراً جَللاً قلب حياته، وأحدث ثورة عاطفية أنضجت نفسه وأينع معها قلبُه.
فرانشيسكو أصابه مرض السرطان قبل بضع سنوات، وعولج منه مرّتين، وخضع للعلاج الكيماوي، وشُفي من المرض عام 2014 ليبدأ حياته من جديد إنساناً جديداً ويختاره المنتخب الإيطالي في قائمته.
أتشيربي قال في تعليقٍ لافت: «قد تبدو مفارقة مُروّعة، لكن السرطان أنقذني، وعلّمني أن أكون رجلاً».
هنا أريد الانتقال إلى لُبّ الموضوع، الرجولة وكيف يكتسبها الشابُ في حياته؟
في السابق، وحين أقول السابق، أعني قبل عصر السوشيال ميديا وثورة «القيمز»، وغير ذلك من المؤثرات على عقل وتربية الشابّ اليوم.
كان الفتى صاحب الـ15 أو 16 عاماً يُعامل معاملة الرجل الكامل، يتحمّل مسؤولية أهله ونفسه وربما أكثر من أهله، بل إن بعض مرويات التراث الشعبي في الجزيرة العربية تخبرنا عن فرسان كِبار في الجزيرة العربية بعمر الـ17، ولدي أكثر من مِثال على ذلك لا يتسع المقام لسردها.
اليوم هناك معضلة تربوية في نقل الفتى لمرحلة الرجولة، وتعليمه شؤون الحياة وشجونها، أتذكر في دولة الإمارات قرّروا تعليم بعض العادات الحسنة وقِيم الرجولة والتعامل مع ظروف الحياة ومناسباتها المختلفة، اسمها مادّة «السَنَع» وهذه المُفردة تعني في لهجات الجزيرة العربية «العادات الحميدة» تقريباً.
الحياة أكبر مُعلّم، لكنها تُعلّم أحياناً بالطريقة الصعبة، وخيرٌ من ذلك أن يتعلّم الإنسان من والده وإخوته، أصول الرجولة الحقيقية.